هل تبادر لذهنك عنوان هذا المقال من قبل ؟ ، ربما يكون قد طرق باب تفكيرك لمرات ومرات ولكنك لم تجد له إجابة مناسبة أو قد يكون لم يخطر ببالك من الأساس بسبب الفترة الذهبية التي تعيشها الكرة المصرية والتي وصفها الغالبية بأفضل فترة في تاريخ مصر الكروي خاصة مع توالي الإنجازات بتحطيم أرقام على مستوى الأندية في البطولات القارية والعالمية والتي تلاها نفس الوضع على الصعيد الدولي مع المنتخب بتحطيم أرقام قياسية عالمية سواء على مستوى الاداء أو على مستوى النتائج في كأس القارات الماضية أو بتحطيم رقم قياسي بحصد اللقب القاري للمنتخبات لثلاث مرات على التوالي وبالتأكيد فهناك شئ من المرارة ناتج عن عدم التأهل للمشاركة في كأس العالم الماضية بالفعل قد يكون هو الشئ الذي ينقص هذا الجيل الذهبي لكنه لم يستطيع إجبارك على التفكير في محور هذا الموضوع .
إذا ما اتخذت من هذه النقطة وقوداً للتفكير جدياً في الأمر فإنك ببساطة ستجد أن مستقبل الكرة العربية عموماً قد لا يكون على ما يرام بعد فترة بعيدة من الزمن خاصة مع تدهور حال المواهب الكروية في الوطن العربي مقارنة بالسابق بالإضافة لإستمرار الأندية العربية في ثقافة إنتاج النجوم الكبار في السن قبل المستوى وهي الماركة التي لا تدوم لفترات كافية في الملاعب مثلما هو الحال مع محمد أبوتريكة نجم النادي الأهلي الذي نبغ كروياً في وقت متأخر جداً وكذلك لاعب مثل هاني سعيد وعصام الحضري أو عبد الواحد السيد أو حتى محمد زيدان الذي عرفه المصريين بعدما وصل لفرق الصف الثاني في أوروبا حينما كان مع فيردر بريمن ، ولكن الأمل يبقى معلقاً بسطوع نجم صغير ليصبح كبير ويكون الدعامة الأساسية للعرب في نظر العالم ويسير على طريق دروجبا الذي تسبب في شهره المنتخب العاجي أو ايسيان الذي ساهم بشكل كبير في صناعة المنتخب العالمي الغاني أو جي سونج بارك ممثل الكرة الآسيوية في أوروبا وربما يصل لمكانة بافل نيدفيد صانع النهضة التشيكية .
منذ زمن ليس بالبعيد كان البعض يتوقع العكس لمستقبل الكرة العربية عندما كنت تنزل الشارع للتجول فتشاهد تجمعات كبيرة ومتعددة تواظب على ممارسة كرة القدم بشكل يومي بهدف المتعة فقط لاشئ وكان دائماً ما تملأك السعادة عندما ترى أن معظمهم من ذوي الأعمار الصغيرة والذين كانوا "يطفشون" من مدارسهم للعب كرة القدم سواء في الشوارع أو في مراكز الشباب المؤهلة والغير مؤهلة لذلك لكن اليوم ؟
بمقارنة الماضي بالحاضر فيمكنك اكتشاف الحقيقة سريعاً ، فالشباب قبل الأطفال تحولوا من ممارسين لكرة القدم لمحترفي العاب الكمبيوتر والبلايستيشن ولم يتوقف الأمر عند ذلك ، فأصبح الكثيرون يفضلون لعب البلايستيشن في المنزل على النزول لمراكز شباب أو حتى للطرقات لممارسة اللعبة وربما الهروب من مدارسهم كذلك لكن الآن صار ذلك بهدف المراهنات والدورات في البلايستيشن وهو ما سيؤثر حتماً بالسلب في مستوى المواهب في كرة القدم الواقعية .
الأغرب عندما تجد أحدهم يقضي أجازة نهاية العام أمام شاشة البلايستيشن وعندما تتعجب لذلك وتذهب لسؤاله يطلب منك الجلوس بجواره ويقصص عليك قصة طويلة للغاية تبدأ بأن الشركة المنتجة للعبة ابتكرت فكرة جديدة مثل التي اسموها "بيكوم ليجيند" والتي تساعدك على وضع ملامح وجهك بشئ من التفصيل على لاعب ينطلق من اكاديمية لا يعرفها أحد لينضم للفرق المغموة في أوروبا ويتدرج منها لفرق الصدارة ، ولكن الأظرف على الإطلاق عندما تسأله وما هو الذي كسبته من اللعب طوال الوقت بهذه اللعبة يكون الرد البديهي "أنا بلعب في ريال مدريد دلوقتي وهداف الدوري وشاركت في أول مباراة للفريق في دوري الأبطال" ؟!!!
تلك القضية عبارة عن مصب لعدة فروع من نهر وليس النهر نفسه فقد ساهم في ذلك العديد من الأشياء أولها تدني مستوى مراكز الشباب والتي نسمع عن هدمها كل فترة فهناك مركز شباب في مدينة كذا يتم التنازل عنه لوزارة الري وآخر يتم بيعه للشركة الفلانية وذلك يغلق لعدم توافر الأدوات الرياضية وعدم صلاحيته من الأساس للإستخدام من أهالي القرية ، بالتأكيد أضف لذلك تطور مجال العاب الكمبيوتر والتي أصبحت صورة تحاكي الواقع بكل تفاصيله سواء في كرة القدم أو غيرها ولكن هذا الحوار لا ينطبق على ممارسو العاب الكمبيوتر فقط فأنظر لنفسك ستجد أنك قد تكون مهتماً للغاية بمشاهدة مباراة مهمة في دوري الأبطال أو في كأس العالم لكنك لست مهتم بالممارسة وهو الحال الغير مختلف كثيراً عن السابق ذكره مع العلم أن المطلوب منك ليس هو التوجه لإختبارات هذا النادي إذا ما كنت في سن الشباب الذي يسمح لك بالممارسة الرسمية والهدف أن هذا النادي كبير أو أن يكون طموحك هو اللعب لأندية معروفة محلياً وهو الطموح الذي سينصدم حتماً ببعض الفساد في إدارة المنظومة الرياضية لكن على أقل تقدير يمكنك ممارسة اللعبة بشكل خاص .
كل هذه الأسباب والمسببات قد تقود الكرة المصرية بكل مواهبها وربما الكرة العربية إلى الخلف وليس للأمام في ظل التدني المستمر والملحوظ لممارسة كرة القدم والتي اصبحت مشاهدتها هواية وممارستها غير مرغوب فيه أو على الأقل غير متاح بالإضافة لأن الشاب العربي أو الطفل العربي معذور فأحلامه لا تتحقق إلا من خلال البلايستيشن ؟! .